أسهمت الحروب التي تُدمّر مدنًا عريقة كالموصل، وتعز، وحلب في أكبر أزمة لجوء وهجرة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية. إذ فرّ نحو 17,5 مليون شخص من ديارهم،.
عادت الحرب إلى المدن مُجددّا... ومرة أخرى أصبح المدنيون عالقين بين فكيهاأنتوني بيفر"، مؤرّخ
خمسون مليون شخص يدفعون التكلفة الباهظة لحروب المدن حول العالم. وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد، تعصف النزاعات الممتدة الشديدة التدمير التي تتخذ من المدن ساحات لها بالمنطقة بأسرها.
أسهمت الحروب التي تُدمّر مدنًا عريقة كالموصل، وتعز، وحلب في أكبر أزمة لجوء وهجرة عالمية منذ الحرب العالمية الثانية. إذ فرّ نحو 17,5 مليون شخص من ديارهم،.
وفرّ نحو أحد عشر ونصف مليون شخص – بمعدّل يزيد على 3 أشخاص في الدقيقة – من ديارهم منذ اندلاع الحرب في سورية وحدها. ويعيش ما يربو على ستة ملايين شخص في ملاجئ مؤقتة أو في مجتمعات مُضيفة داخل سورية. في حين غادر نحو خمسة ملايين شخص البلاد.
ورغم أن هذه الأرقام صادمة، إلا إنها لا تكشف سوى عن جزء من القصة.
سيجافي النوم عين الأم التي مات ابنها في البداية، لكنها ستستطيع النوم بعد حين.... لكن الأم التي لا تعرف مصير ابنها لن يعرف النوم طريقه إلى عينيها أبدًاماجي أندريوتي أمّ فقدت ثلاثة أبناء أثناء الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)
على مدار قرون، كانت معارك الحروب تدور في الغالب في ساحات قتال شاسعة، حيث تتبارى جيوش جرّارة من آلاف الرجال مدججة بالسلاح والعتاد الثقيل في مسرح حرب مترامي الأطراف. كانت المدن تتعرض للحصار أو النهب، لكن كان من النادر أن يدور قتال في شوارعها.
يقول البروفيسور "إيال وايزمان": "في النزاعات المسلحة التي يشهدها العالم اليوم، تدور معظم المعارك إن لم يكن كلها في المدن". فكما أن العالم يتمدّن، كذلك النزاعات. لقد أصبح مركز المدينة والأحياء السكنية هي ساحات القتال وخطوط المواجهة في القرن الحالي.
يُتوقع أن يحدث ستة وتسعون بالمائة من النمو الحضري في مدن بلدان نامية تواجه بالفعل حالة من الهشاشة. ولا يقتصر النمو على التعداد السكاني في المدن فحسب، إذ تشهد النزاعات المسلحة تزايدًا في الأعمال القتالية التي تُشّن في مراكز التجمّعات السكانية، وهذا اتجاه يُرجح أنه سيستمر.
وفي حين كانت حركات التمرد في العقود الماضية تميل إلى الاستتار في المناطق الجبلية أو الغابات، فإن الطبيعة الطبوغرافية لمنطقة الشرق الأوسط التي تغلب عليها المساحات المفتوحة – ما يجعل من السهل إحباط العمليات – دفعت المشاركين في تلك النزاعات إلى شنّ عملياتهم داخل المدن. فغالبًا ما تتجنب الأطراف المتحاربة مواجهة العدو في مكان مفتوح، فيلجؤون إلى الاختلاط بالسكان المدنيين والاندماج معهم.
وما يزيد الأمور سوءًا، أن غالبية هذه النزاعات المسلحة تُشنّ بمنظومات أسلحة صُممت في الأساس لتستخدم في ساحات المعارك المفتوحة، ما يُعظّم الأثر التدميري لتلك الأسلحة. وهنا أيضًا يكون المدنيون هم من يدفعون التكلفة الباهظة في أغلب الأحيان.
وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في معارك المدن، لا تزال بعض أساليب الحرب القديمة تُستخدم في جبهات معارك المدن الحديثة في الوقت الحاضر: الحصارات التي تهدف إلى تجويع الخصم لإرغامه على الخروج أو إلى إضعاف معنوياته، والحملات الجوّية التي ترمي إلى ترويع السكان المدنيين، ومعارك الشوارع الضارية المدعومة من المدفعية.
كانت زوجتي تُعدّ الخبز وكان طفلي معها. اشتعلت النيران بالمنزل. هرعت إلى المكان الذي سقط فيه الصاروخ... رأيت أشلاء ودماء على الجدار... سقط صاروخ آخر، حملني الانفجار من على الأرض لأرتطم وتنكسر ساقي"أبو هاني" من حمص
عندما تكون المدن ساحات للحروب، يطال الضرر أو الدمار البنية التحتية الحيوية التي تمكن المجتمعات المحلية من أداء وظيفتها.
قد يسفر انكسار أنبوب لنقل المياه بسبب سلاح متفجر قوي التأثير عن حرمان 100,000 شخص من المياه. وقد يُدمّر هذا السلاح أيضًا نظام الصرف الصحي لحي بأكمله، فيصاب الآلاف بالأمراض نتيجة ذلك. الأمر الذي يضع مزيدًا من الضغوط على كاهل المستشفيات التي تتحمل فوق طاقتها بالفعل. وعلى إثر ذلك ينهار الاقتصاد المحلي ويفر السكان، ولا يبقى سوى عدد قليل من الأطباء والمهندسين الذين يعملون دون مقابل لعدم وجود المال.
إن الضرر البالغ الذي تُسببه هجمة واحدة يُولّد أثرًا مُضاعفًا يُخلّف معاناة طويلة تمسّ جميع جوانب الحياة.
تمثل الروايات المنشورة هنا جزءًا من بحث ورد في التقرير الذي أعدته اللجنة الدولية عن حرب المدن.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم فهم أعمق لجزء من هذه الصورة الحافلة بالتفاصيل، من خلال كلمات أناس شهدوا الأحداث ونجوا منها.
هذا هو مشهد المدينة التي تحوّلت إلى ساحة حرب.
إذا كنت ترغب في قراءة التقرير كاملًا، أدخل عنوان بريدك الإلكتروني هنا
لكي تصلك تعليمات تنزيل الوثيقة بصيغة PDF.
"كل ما أريده هو أن أكون بخير. من الصعب أن يعيش المرء حياة طبيعية بعد أن خاض كل تلك الأهوال. لقد رأيت مدينتي تحتضر، وشاهدت أهلي يموتون، وأصابني الانهيار. لا أعلم إذا ما كنت سأعيش حياتي بصورة طبيعية بعد الآن، لكنني أتمنى ذلك"سامي، 27 عامًا، فرّ من حلب إلى دمشق، ومنها إلى بيروت، لبنان.